Take a fresh look at your lifestyle.

أهل مصر بين مطرقة النظام وسندان الوباء

 

 

 

أهل مصر بين مطرقة النظام وسندان الوباء

 

“هذا كرم كبير من الدولة المصرية”، هذا ما قاله أحد إعلاميي النظام تعليقا على قرار السيسي بتحمل صندوق “تحيا مصر” نفقات الحجر الصحي للمصريين العائدين من الخارج في فنادق العزل الصحي. هذا القرار الذي اتخذه السيسي بعد تطبيق قرار وزارة الصحة على جميع الركاب المصريين العالقين بالخارج، وذلك بإخضاعهم للحجر الصحي على نفقتهم الخاصة للتأكد من عدم إصابتهم بفيروس كورونا. فقد تداول العائدون من الخارج والمغتربون صورة إقرار ألزمتهم السلطات بكتابته كشرط لإعادتهم، ويتضمن موافقتهم على تحمل تكلفة إقامتهم في أحد الفنادق القريبة من المطار، هذا بخلاف الأسعار المبالغ فيها لشركة مصر للطيران لرحلات العودة، التي وصلت إلى خمسة أضعاف، مثل رحلات الكويت.

 

والسؤال لماذا الحجر الصحي في فنادق خمس نجوم؟! بغض النظر عما إذا كانت الإقامة على حساب الأفراد والعناية الطبية على حساب الدولة، أو كانت الإقامة والعناية الطبية على حساب الدولة، ألا توجد مستشفيات مجهزة أو أماكن أخرى تابعة للدولة لاستقبال العائدين من الخارج؟ هل تفاجأت الدولة مثلا بعودة هؤلاء الناس من الخارج؟! ولماذا لم يتخذ السيسي قراره بتحمل التكاليف من البداية، وترك الأمور تتأزم، مما دفع العائدين من الخارج إلى رفض العزل الصحي في فنادق خمس نجوم تكلف الليلة الواحدة فيها ألف جنيه للشخص، وهو ما يعني أن من يعود مع أسرته قد يكون مضطرا لدفع ما يقرب من خمسين ألف جنيه خلال أسبوعين. مما دفع الحكومة لمهاجمة المصريين العاملين بالخارج عبر وسائل الإعلام واتهامهم بعدم تحمل المسؤولية والأنانية! لعل السيسي أراد بتلك اللعبة تقديم نفسه للناس باعتباره الأب الحنون الذي يحنو على الشعب المسكين، الذي لم يجد من يحنو عليه.

إذا تعلق الأمر بالبذخ والإنفاق الخيالي على بناء القصور والمنتجعات وعقد المؤتمرات المكلفة ماديا بدون أي طائل من ورائها، فدولة السيسي دولة غنية جدا، أما إذا تعلق الأمر بحاجات الناس اليومية من مأوى وطعام وشراب وصحة فلا شك أن الدولة فقيرة جدا، هذا هو لسان حال نظام السيسي الذي لا يعبأ بحاجات الناس ومعاناتهم وبؤسهم وفقرهم، بل أكثر من ذلك يزيد من معاناة الناس ويضيق عليهم سبل العيش الكريم.

 

إن الشكوك والمخاوف بشأن تعامل نظام السيسي مع فيروس كورونا؛ ينبع من غياب الشفافية وعدم مصداقية النظام، وكذبه فيما يخص الأرقام الحقيقية للمصابين بالوباء أو تعامل النظام معه.

 

كذلك نقص الإمكانات الصحية وانهيار البنية التحتية للمستشفيات الحكومية والجامعية، نتيجة انخفاض معدلات الإنفاق على الجانب الصحي، وتركيز اهتمام النظام الحالي للجانب الأكبر من الميزانية للقطاع العسكري والأمني والمشروعات الوهمية. فقد تحايل نظام السيسي بأن أدرج الإنفاق (خصص السيسي مليار جنيه لمواجهة فيروس كورونا) على المستشفيات العسكرية والشرطية ضمن منظومة الصحة، بالمخالفة لما هو متبع في العالم أجمع؛ وبالمخالفة لما كان متبعا في مصر قبل ذلك؛ لخضوع تلك المستشفيات العسكرية والشرطية لميزانية خاصة بها، فهي تخدم قطاعاتها والعاملين بها فقط وهم رجال الجيش ووزارة الداخلية.

 

ففي خضم وباء كورونا العالمي والاحتياطات الدولية غير مسبوقة النظير، وكذا الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية من تعطيل الدراسة بالمدارس والجامعات ومنع صلاة الجماعة والجمع في المساجد وفرض حظر التجول من الساعة السابعة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا، قامت الحكومة بأمور تجعل هذه الإجراءات لا قيمة لها، فقد بدأت بحملة للتطعيم ضد الحصبة بدءا من 2020/3/8م إلى 2020/3/26م، ليتكدَّس يوميا أكثر من 500 أم وطفل انتظارا لدورهم في التطعيم، دون أي إجراءات وقائية أو معايير صحية متبعة تمنع انتقال عدوى كورونا، فضلا عن التزاحم في المترو ووسائل المواصلات الأخرى.

 

كما أن السعة السريرية للكثير من المستشفيات لا تسمح بعزل كل المشتبه بإصابتهم حتى تظهر نتائج اختباراتهم، حيث يستغرق تحليل الـ PCR ما يقارب 48 ساعة يجب على المستشفى خلالها أن يحجز المشتبه بإصابتهم في هذه الفترة بأكملها. فكيف تتعامل المستشفيات إزاء هذا الوضع المتأزم؟ إن الحل الذي يتّبعه المستشفى هو رفض إجراء تحليل الـ PCR إلا لــ6 حالات فقط من وسط ما يقارب 500 حالة، أي إن 99% من الحالات يرفض المستشفى إجراء التحليل لها، فيُحيلهم إلى أقسام أخرى أو يطلب منهم ببساطة الرجوع إلى بيوتهم. والسيناريو المتوقع إذا كان واحد فقط من هؤلاء مصابا بكورونا سيكون كارثيا. لكن ما المعايير التي يُحدَّد على أساسها مَن يخضع للاختبار ومَن يذهب إلى بيته؟

 

فوفقا للحكومة المصرية، يجب على المشتبه بإصابتهم أن يكون قد حاز على شرط من اثنين: إما أن يكون خالط حالة إيجابية بكورونا، وإما أن يكون عائدا من بؤرة خطرة مثل الصين وإيطاليا. لكن هذا البروتوكول عقيم للغاية، فمَن يدري إذا كان قد خالط حالة مصابة بكورونا من عدمه رغم أن الأعراض ربما لا تظهر على الحامل للمرض لمدة أسبوع كامل؟! ناهيك عن أن الاتصال بالخط الساخن للطوارئ الذي وفّرته الحكومة المصرية غالبا لا يرد عليه أحد، أو ربما عليك الانتظار لساعات حتى تجد من يهتم بك. ناهيك عن التعامل الأمني القاسي الذي تقوم به السلطة تجاه كل من يشتكي من انعدام معايير الأمان داخل مستشفيات وزارة الصحة سواء أكان من الناس العاديين أو من الطاقم الطبي.

 

لم يكن التشخيص الخاطئ، والإهمال الطبي، والبروتوكول البيروقراطي، والتكدس العشوائي دون اتباع إجراءات السلامة، والتوزيع الخاطئ للحالات كمّاً وكيفا، مجرد ثغرات في النظام الصحي المصري، بل إنها أجزاء من منظومة تُعاني بأكملها من خلل واضح في مكافحة العدوى. على الجانب الآخر، فإن التصريحات الرسمية للحكومة المصرية تؤكد أن الوضع الصحي مستتب، وأن كل إجراءات السلامة متبعة ولا غبار عليها. فعلى من يكذب النظام؟!

 

لن يصلح حال الناس في مصر إلا بتغيير هذه المنظومة الفاسدة، من خلال إقامة الخلافة على منهاج النبوة؛ فهي التي ترعى شئون الرعية، لا تبتغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، بل مرضاة الله سبحانه وتعالى.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حامد عبد العزيز

 

#كورونا     |    #Covid19#    |         Korona

2020_04_08_Art_The_people_of_Egypt_between_the_hammer_of_the_regime_and_the_anvil_of_the_epidemic_AR_OK.pdf