Take a fresh look at your lifestyle.

قانتات صغيرات- الإمام مسلم

الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القُشَيرِيّ النيسابوري المولود سنة (821م-والمتوفى سنة 875 م) من أشهر مصنفي الأحاديث، و هو مصنف كتاب صحيح مسلم رحمه الله رحمة واسعة.

ولد في نيسابور تلك المدينة العريقة التي اشتهرت بازدهار علم الحديث والرواية فيها ولد مسلم بن الحجاج سنة 206 هـ/821م على أرجح أقوال المؤرخين، ونشأ في أسرة كريمة، وتأدب في بيت علم وفضل، فكان أبوه فيمن يتصدرون حلقات العلم، ولذا عني بتربية ولده وتعليمه، فنشأ شغوفًا بالعلم مجدًا في طلبه محبا للحديث النبوي، فسمع وهو في الثامنة من عمره من مشايخ نيسابور.

وكان الإمام يحيى بن بكير التميمي أول شيخ يجلس إليه ويسمع منه، وكانت جلسة مباركة أورثت في قلب الصغير النابه حب الحديث فلم ينفك يطلبه، ويضرب في الأرض ليحظى بسماعه وروايته عن أئمته الأعلام.

وتذكر كتب التراجم والسير أن الإمام مسلم كان يعمل بالتجارة، وكانت له أملاك وضياع مكنته من التفرغ للعلم، والقيام بالرحلات الواسعة إلى الأئمة الأعلام الذين ينتشرون في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي.

ابتدأ الإمام مسلم رحلاته في طلب العلم، وكان ذلك سُنَّةً متبعة بين طلبة العلم، إلى الحجاز، ولم يتجاوز سنه. فقد رحل إلى الحجاز ومصر والشام والعراق في طلب الحديث، وكان أحد أئمة الحديث وحفاظه، واعترف علماء عصره ومن بعدهم له بالتقدم والإتقان في هذا العلم.

و كان إماماً جليلاً مهاباً، غيوراً على السنة ذابَّاً عنها، تتلمذ على البخاري وأفاد منه ولازمه، وهجر من أجله من خالفه، وكان في غاية الأدب مع إمامه البخاري حتى قال له يوماً: دعني أقبل رجلك يا إمام المحدثين وطبيب الحديث وعلله. ومن شيوخه الكبار إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وسعيد بن منصور، وغيرهم، ومن الذين رووا عنه الترمذي وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة.

أثنى أئمة العلم على الإمام مسلم ، وقدمه أبو زرعة و أبو حاتم على أئمة عصره.
وقال شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: كان مسلم من علماء الناس وأوعية العلم، ما علمته إلا خيراً.
وقال مَسلمة بن قاسم: ثقة جليل القدر من الأئمة.
وقال النووي: أجمعوا على جلالته وإمامته، وعلو مرتبته وحذقه في الصنعة وتقدمه فيها .

وللإمام مسلم العديد من الكتب والمؤلفات عرف منها: الكنى والأسماء، وطبقات التابعين ورجال عروة بن الزبير، والمنفردات والوجدان.
وله كتب مفقودة، منها: أولاد الصحابة، والإخوة والأخوات، والأقران، وأوهام المحدثين، وذكر أولاد الحسين، ومشايخ مالك، ومشايخ الثوري، ومشايخ شعبة.

صنَّف الإمام مسلم كتبـًا كثيرة، وأشهرها صحيحه الذي صنفه في خمس عشرة سنة، وقد تأسى في تدوينه بالبخاري -رحمه الله- فلم يضع فيه إلا ما صح عنده.
وقد جمع مسلم في صحيحه روايات الحديث الواحد في مكان واحد لإبراز الفوائد الاسنادية في كتابه، ولذلك فإنه يروي الحديث في أنسب المواضع به ويجمع طرقه وأسانيده في ذلك الموضع، بخلاف البخاري فإنه فرق الروايات في مواضع مختلفة، فصنيع مسلم يجعل كتابه أسهل تناولاً، حيث تجد جميع طرق الحديث ومتونه في موضع واحد، وصنيع البخاري أكثر فقهـًا؛ لأنه عُنِيَ ببيان الأحكام، واستنباط الفوائد والنكات، مما جعله يذكر كل رواية في الباب الذي يناسبها، ففرق روايات الحديث، ويرويه في كل موطن بإسناد جديد أيضا.

وكتاب صحيح مسلم مقسم إلى كتب، وكل كتاب يقسم إلى أبواب، وعدد كتبه 54 كتابـًا، أولها كتاب الإيمان وآخرها كتاب التفسير .
وعدد أحاديثه بدون المكرر نحو 4000 حديث ، وبالمكرر نحو 7275 حديثًا.
من شروح صحيح الإمام مسلم :
(1) المنهاج في شرح الجامع الصحيح للحسين بن الحجاج: وهو شرح للإمام النووي الشافعي، وهو شرح وسط جمع عدة شروح سبقته، ومن أشهر شروح صحيح مسلم.
(2) المعلم بفوائد كتاب صحيح مسلم : وهو شرح المازري أبي عبد الله محمد بن علي.
(3) إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم: وهو شرح للقاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي إمام المغرب المالكي .
(4) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: شرح أبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي .
(5) إكمال إكمال المعلم: وهو شرح الأبي المالكي وهو أبو عبد الله محمد بن خليفة من أهل تونس ـ و الأبي نسبة إلى ” أبة ” من قرى تونس ، جمع في شرحه بين المازري وعياض والقرطبي والنووي.
(6) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج : وهو شرح جلال الدين السيوطي .
(7) شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي .
(8 ) شرح الشيخ علي القاري الحنفي نزيل مكة وشرحه في أربع مجلدات.

ظل الإمام مسلم بن الحجاج بنيسابور يقوم بعقد حلقات العلم التي يؤمها طلابه والمحبون لسماع أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن أشهر تلاميذه الذين رحلوا إليه أبو عيسى الترمذي، ويحيى بن صاعد، وابن خزيمة وأبو بكر محمد بن النضر الجارودي وغيرهم.

وشغل وقته بالتأليف والتصنيف حتى إن الليلة التي توفي فيها كان مشغولا بتحقيق مسألة علمية عرضت له في مجلس مذاكرة، فنهض لبحثها وقضى ليله في البحث، لكنه لقي ربه قبل أن ينبلج الصباح في 25 من رجب 261 هـ، الموافق 6 من مايو 875م، وهو في الخامسة والخمسين من عمره، ودفن يوم الاثنين في مقبرته بنصر آباد في نيسابور.

اللهم ارحم علماءنا واجزهم عنا الجزاء الأوفى،،،