نصائح للآباء والأبناء – ما يتابعه أولادنا في بالتلفاز
حديثنا اليوم سيكون حول البرامج الموجهة للأطفال فهي مدخل آخر يحاربوننا من خلاله، فهذه البرامج تأتي إلينا في عقر دورنا وتكرس عند أطفالنا مفاهيم مغلوطة او دخيلة أو مدمرة. وسببها ونتائجها كما يلي :
أولا: لا يوجد لدينا صناعة برامج أطفال عربية إسلامية وإن كانت هناك بعض المحاولات ولكنها يتيمة ولم تتكرر ولم تشجع أصلا .
ثانيا: تأتي برامج الأطفال الكرتونية من الغرب أو اليابان أو دول جنوب شرق آسيا، فالبرامج ذات المنشأ الغربي (الأميركي مثلا) تروج لفكرة تفوق عقلهم وسيطرته مقابل غباء مستحكم عند الأمم الأخرى .
كما أن الكثير من البرامج التي تعرض للأطفال لا تتناسب مع أعمارهم أو تقبلهم وفهمهم لما يُعرض
فبرامجهم تروّج دوما لثقافتهم التي لا تتناسب أبدا مع مفاهيمنا كمسلمين، فالفتاة تـُصور على أن همّها الأول كيف تصطاد صديقا ليواعدها، والفتى همّه كيف يُعجب البنات بأناقته ووسامته وخفة ظله، وهذه البرامج تروج أيضا لتعاطي الخمور باعتبار ذلك أمرا طبيعيا لا شيء مُنكر فيه وكذلك للعري عند البنات بإبراز أن الفتاة العصرية يجب أن يكون هكذا ملبسها وتصرفها ، مما يؤدي للانحلال الأخلاقي لدى أبنائنا .
وغالبا ما تقدم هذه البرامج بنسختها العربية شركات مصرية وتعرض أكثرها على القنوات الفضائية mbc3 ,teenz مثال: بينكي وبراين، ومسلسل مارتين وفيه البطل أمريكي متفوق بعلمه وجماله وروحه المنطلقة لمساعدة الآخرين، كما يستخدمون عبارات مقذعة في الحوار، والفكرة لا تناسب الأطفال بأية حال .
أما البرامج ذات المنشأ الياباني أو الآسيوي منها كثيراً ما تتخذ شخصيات لحيوانات، ولكنها تتخذ حيوانات غرائبية الشكل لا وجود لها في العالم الواقعي، وتجري بين هذه الحيوانات أحداث تشابه ما يجري في عالم الإنسان وذلك من أجل استخدام الإيحاء لتعليم الطفل، غير أن بعضها تمرر ثقافة الإلحاد فالطبيعة هي التي تصنع وتخلق وتزود، وكأنهم يريدون القول: ليس هنالك خالق للكون، مثال: (بن بن، الدببة الطيبة…الخ)، وهناك برامج تتخذ شخصيات لا وجود لها البتة شكلها غريب وإذا ترجم المعنى بشكل صحيح تصبح أسماء لآلهتهم التي يقدسونها في تلك البلاد، والطفل لدينا يتعلق بها لأنها تقدم في ألوان زاهية، أما بالنسبة للشكل الغريب فسرعان ما يعتاد عليه بل ويصبح مفضلا عنده، مثال: (بكيمون وأبطال الديجيتال والسنافر).
أما البرامج التي تتخذ من الإنسان نمطا للشخصيات فتقدم ثقافتهم بشكل بحت، مثل العلاقة غير الشرعية وما ينجم عنها من أبناء، تمرر على أساس أنها صداقة وشيء طبيعي وعادي .
أما الجريمة فدوما لها ما يبررها، (كونان المتحري الذكي بأجزائه الأربعة يعرض في spacetoom , teenz) .
وهنالك عالم الظلام ومصاصي الدماء والمومياءات التي تقوم من موتها لتنتقم لنفسها من أعدائها أو مـِمَن حلـّت عليه اللعنة، (المومياء) .
والبرامج من هذا المنشأ مزودة بدوبلاج عربي ليتلقاها الطفل العربي وتعرض أكثرها على spacetoon العربية والانجليزية .
ثالثا : هذه البرامج تشترك في كونها مترجمة بلغة فيها من السب والشتائم الشيء الكثير والذي مع مرور الوقت يصبح مستساغا عند الطفل، فمثلاً في مسلسل اسمه (مختبر دكستر ) قال احد الشخصيات: (( مالها أختي تبدو كخنزير قبيح؟)) فهل هذه الجملة مناسبة لتوجّه لأسماع طفل؟ إذ ربما في اليوم التالي سيقولها لأخته لأنه يعتقد أن ما يُعرض في التلفزيون عبر برامج خاصة به مسموح تكريرهُ، وهنالك كلمة تبا لك أو عليك اللعنة، فهي كثيرة الورود وكأنها جملة عادية.
رابعا : كانت هناك محاولات معدودة لصنع كارتون عربي للأطفال أو برامج عادية ولكنها قليلة ولم تتكرر مثل (افتح يا سمسم ومدينة المعلومات )، وقريبا كانت هنالك رواية ابن طفيل (حي ابن يقظان ) في فلم كارتوني وأيضا فلم (الجرة) ومسلسل( حامل المسك) كلها كانت بأيد مسلمة، والرسوم كانت متقنة وجميلة وتنمي الحس الجمالي عند الطفل.
هنالك نظريات كثيرة تدل على أن الإعلام هو الذي يقود التغيير في المجتمع، وهو الذي يقود المجتمع العربي باتجاه الابتعاد عن الهوية الإسلامية، فالمؤسسات الإعلامية تقود التغيير في مجتمعنا بالتزامن مع المؤسسات الاقتصادية. ورغم معرفتنا بالقدرة الكبيرة التي يملكها الإعلام في التأثير والتغيير إلا أننا لازلنا في طور التبعية، فإذا كنا نأخذ نظرياتهم بشكل حرفي دون حتى مراعاة لخصوصية المتلقي، فكيف هو الحال بالنسبة لخصوصية مجتمع بأكمله.
إذا أين هو الخلل في إعلامنا؟
إن الخلل في إعلامنا يظهر في اتجاهين، الأول في وظائف الإعلام حيث أن للإعلام وظائف يجب أن يؤديها كالقيام بمراقبة البيئة المحيطة ومنع أي ثقافة أخرى من اختراق المجتمع، والعمل على ترابط المجتمع وأفراده من جهة أخرى، والاهتمام بنقل التراث الاجتماعي في المجتمع، وما يحدث في إعلامنا هو العكس تماماً.
أما الجانب الثاني فيتمثل بثقافة المؤسسة الإعلامية. فبسبب دخول الرأسمالية إلى الإعلام تغلب الجانب السطحي ذات الطابع الترفيهي دون الاهتمام بحاجات المجتمع وهويته.
أيها الآباء الكرام ينبغي ألا يغفلَ الوالدُ عن ولدهِ، بل يلاحظهُ ويراقبهُ دون أن يشعر الولدُ، سواءً كان الولدُ ابناً أو بنتاً، فيراقبُ ذهابهُ للمدرسةِ ورجوعه منها، ويراقبُ كتبهُ ومكتبته، وأدراجهِ وغيرَ ذلك، ولا أقصدُ بالمراقبةِ أن تكون مجهراً على تصرفاتهم، ولكن المطلوبُ عدمُ الغفلةِ، فإن البرامج المعروضة على جميع القنوات الفضائية الخاصة بالأطفال هي برامج سيئة جدا تؤدي إلى فزع وخوف الأطفال بالليل وتقليدهم لكل الحركات التي يشاهدونها في هذه البرامج في أصحابهم وأخواتهم ويرددون كلمات لا يفهموها، ناهيك عن البرامج التي تؤثر على أطفالنا الصغار بتعليمهم العنف والأصوات الغريبة والمخيفة ورجل الطيران مثل سوبر مان وغيره وهذا خطر جدا على عقولهم خاصة في هذا السن، ونحن أيها الآباء والأمهات متأكدون بأن هذه سياسة غربية مرسومة بدقة لتدمير عقول أولادنا منذ الصغر إذ لم يكفيهم ما دمروه من عقول الشباب بالنت والمخدرات وها هم يضعون برامج ويبثونها ليبنوا عقول أطفالنا على مزاجهم فيكونوا بذلك قد دمروا كل الجيل الشاب حتى الأطفال، لذا أرى أن نحاول تخليص أطفالنا من هذه البرامج الوحشية ولا ندع براعم المستقبل يتأثرون بمثل هذه البرامج، والكل يعرف ما هو تأثير الأفلام الكرتونية لدى الأطفال، وخاصة بعد ظهور العديد من الدراسات التي تشير إلى أن هذه الأفلام تشكل خطرا على عقائد العديد من المجتمعات، وأنها أسهل طريقة لغزو الشعوب واختراق الأجيال، لأنها تدخل في وجدان الطفل في فترة يكون خالي الذهن ولا يعي ما الذي يحدث ولا يدرك الضرر الناتج عما يتلقاه، فيأخذ عقله بتخزين كل ما يشاهده ويظل مدسوسا في داخل أعماقه ينمو معه كلما كبر . فعلى الآباء والأمهات أن يقوا أنفسهم أولاً نار الله تعالى، وأن يتقوا الله فيما جعله الله أمانة في أعناقهم، وليحذروا من تمكين الفساد في بيوتهم، سماعاً، ومشاهدة، وقد يسَّر الله تعالى بدائل كثيرة في تلك القنوات التي تبث الخير، وتنشر الفضيلة، وتقوي الإيمان، وتزرع الحياء، وتغرس العفاف، مع ما فيها من برامج ترفيهية للأطفال، وأخرى تثقيفية للكبار، وهي إن لم تكن موجودة ليس لهم حجة في تمكين تلك القنوات الفاسدة في بيوتهم، فكيف وقد وجدت ؟!
أيها الآباء إنهُ أمر مهم برأييّ، بل هو يهمنا جميعا فنحن نـُحارب من خلال فلذات أكبادنا عن طريق برامج الأطفال، ونحن مطالبون بالتحرك والتواجد وأن لا نكون متلقين سلبيين، بل أن نساهم كل حسب دوره وقدراته في توجيه العملية الإعلامية، بإمكاننا كأفراد أن نحدث التغيير، فنحن بحاجة إلى إيجاد وبناء دور الجمهور النشط وبحاجة إلى مشاريع لمناهضة الإعلام السلبي، وعلينا أن نهتم بتغذية الجانب التوعوي لدى أبناءنا بتنمية الرقابة الذاتية لديهم، وإشعارهم بأهمية دورهم كمتلقين في النقد البناء من خلال تسجيل ملاحظاتهم حول السلبيات التي يرونها في البرامج التي يتابعونها والتباحث معهم حول هذه السلبيات، لأنهم هم الجيل المستهدف والذي علينا أن نحافظ على قيمه ودينه في مواجهة هذه التيارات الإعلامية المتعارضة مع قيم المجتمع الإسلامي.
أبنائي الأعزاء
إن ظاهرة السباب والشتم من أقبح الظواهر المتفشية في محيط الأولاد والمنتشرة في البيئات المختلفة البعيدة عن هدي القرآن وتربية الإسلام، فتجنبوا أبناءي صحبة الأشرار ورفقاء السوء حتى لا تنحرفوا مثلهم، فلآفات اللسان مساوئ وللبذاءة نتائج في تحطيم الشخصية وسقوط المهانة وإثارة البغضاء والأحقاد بين أفراد المجتمع. وهنالك العديد من النصوص الشرعية التي تحرم السباب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن من اكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه”.رواه البخاري ومسلم. وقال أيضا: ” إن العبد ليتكلم بالكلمة في سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم “. رواه البخاري. وقال أيضا: ” ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء”.رواه الترمذي.
أبنائي إن الأخلاق هي أحكام شرعية يجب الاتصاف بها لان الله أمر بها، لا لأنها حسنة في ذاتها أو قبيحة في ذاتها، حتى تتكون في النفس على أساس عقائدي ثابت، فلا تتحول إلى أخلاق نفعية كما هي في الغرب، فالغرب يتعاملون بالأخلاق فيما بينهم وعند شعوبهم حتى إذا خرجوا إلى العالم تعاملوا معهم بشكل مختلف. كما أن أخلاقهم التي يتمسكون بها يتمسكون بها في الظاهر، أما في الظلام فيتخلون عنها عندما يغيب الرقيب والحسيب. وقد ركز الإسلام على حسن الخلق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنما بعثت لأتمم محاسن الأخلاق” وقال أيضا: ” أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق”، رواه أبو داوود. وقال أيضا: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا”، رواه أبو داوود