Take a fresh look at your lifestyle.

اعرف عدوك – جزء أول

يعتبر العداء نتاج طبيعي لاختلاف الآراء والأفكار فكل من كان عنده فكر  نحو شيء ما فإن مشاعر الغضب والرضا ستكون بحسبها ، هذا إن كان على المستوى الفردي فما بالنا إذا كان على المستوى الجماعي فإن العلاقات ستكون أعقد ، ومن المهم جدا أن يدرك كل حامل فكر أصول العداء الفكري وأن لا يخلطه بالعداء التقليدي لأن العداء التقليدي لن يبقى يتحدى الأفكار بينما العداء الفكري هو عداء وجود ومشاعر وأحاسيس وبالتالي اضطراب وقلق .
فرأينا أن العداء بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي قد خفت وتيرته بعد أن تنازلت الشيوعية عن مبدئها فأصبح أعداء الأمس شركاء اليوم وأن العداء الظاهر لا يشكل سوى عداء مصالح وليس عداء فكر .
فمنذ أن بزغ فجر الإسلام والصراع العنيف دائر على أشده بين أفكار الإسلام وأفكار الكفر ، وبين المسلمين والكفار ، وقد بدأ هذا الصراع فكريا بحتا حين بعث الرسول _صلى الله عليه وسلم_ ، واستمر كذلك إلى أن قامت الدولة الإسلامية في المدينة ، ووجد الجيش ووجدت القوة، فبدأ الصراع الدموي ( الجهاد ) ، وسيظل إلى جانب الصراع الفكري إلى قيام الساعة ، وهكذا كانت الحروب بين الإسلام والكفر في معارك متلاحقة وكان النصر فيها كلها للمسلمين، فهم وإن هزموا في بعض المعارك لكنهم كانوا يكسبون الحرب ، وظلت الدولة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم ما يقارب ثلاثة عشر قرنا من الزمان ، ولم يقع هذا في تاريخ الجنس البشري مع غير المسلمين أبدا .
فالعداء للإسلام والمسلمين لم يكن وليد الساعة بل كان مدبرا ومخططا له فعلى سبيل المثال :-
قدم نابليون بونابرت إلى أهل مصر بصفته مسلما مخلصا ، فقد ادعى أنه “صديق للسلطان العثماني ” وادعى أيضا أنه قدم إلى مصر “للاقتصاص من المماليك” لا غير، باعتبارهم أعداء السلطان وأعداء الشعب المصري ، وهذه رسالة نابليون بونابرت الذي دعاه المؤرخون المسلمون الجنرال علي إلى شعب مصر:
“بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده ولا شريك له في ملكه
أيها المشايخ والأئمة…
قولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضا مسلمين مخلصين وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في روما الكبرى وخربوا فيها كرسي البابا الذي كان دائما يحث النصارى على محاربة الإسلام ، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكوالليرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين ، ومع ذلك فإن الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني ..أدام الله ملكه…
أدام الله إجلال السلطان العثماني
أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي
لعن الله المماليك
وأصلح حال الأمة المصرية”
أصبح نابليون بونابرت حاكما مسلما اسمه “بونا بردي باشا”، وكان يطلق عليه المسلمون اسم علي نابليون بونابرت، وكان يتجول وهو مرتد الملابس الشرقية والعمامة والجلباب. وكان يتردد إلى المسجد في أيام الجمعة ويسهم بالشعائر الدينية التقليدية بالصلاة، وكون نابليون ديوانا استشاريا مؤلفا من المشايخ والعلماء المسلمين مكونا من11عالما ويرأسه الشيخ عبد الله الشرقاوي.
هذا غيض من فيض فالأمثلة كثيرة تدل على عداء الغرب للمسلمين .
وعندما طلب اليهودي هرتزل أرض فلسطين من السلطان عبد الحميد الثاني  رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال: (( إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل ، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية، و ما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع و ربما إذا تفتتت الدولة الإسلامية  يوما ، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل )) ، ثم أصدر أمرا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين .
فالعداء المتأصل للإسلام والمسلمين جعل الغرب الكافر يخطط و يضع الأساليب تلو الأساليب لإزالة كيان الدولة الإسلامية عن الوجود ،  فعرفوا أنهم لن يستطيعوا إضعاف الدولة مادام الإسلام قويا في نفوس المسلمين قويا في فهمه وفي تطبيقه ، فاستخدموا كل طاقاتهم للإطاحة بالدولة الإسلامية فلجؤوا إلى إضعاف العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين لكن خاب فألهم وفشلوا أشد فشل في ذلك الأمر ، لجؤوا إلى أساليب أخرى علهم يجدون ضالتهم فشككوا بأحاديث رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ لكن علماء المسلمين المخلصين لله ولرسوله كانوا لهم بالمرصاد فخاب فألهم مرة أخرى ،لكنهم لم ييأسوا بل لجؤوا لأسلوب آخر وهو إضعاف اللغة العربية ، لأنهم عرفوا أن قوة المسلمين بقوة فهمهم للغة العربية فحاولوا فصل الطاقة العربية عن الطاقة الإسلامية لكنهم فشلوا في بادئ الأمر ،لكن لعلمهم أن إضعاف اللغة العربية هو المدخل الأساسي لضرب ثقافة المسلمين استطاعوا بأسلوب آخر أن يضعفوا اللغة العربية ، ومن هنا تم فصل الطاقة العربية عن الطاقة الإسلامية فتم زرع القومية والوطنية في عقول المسلمين بأسلوب خبيث ، من هنا تم صرف العداء من عداء بين الإسلام والكفر إلى عداء بين عرق وآخر بين وطن وآخر،انتقل العداء بين سنة وشيعة بين مذهب كذا ومذهب كذا، فبذلك نجحت الدول الغربية في تمزيق المسلمين وصرفهم عن المخططات القادمة لهدم دولة الخلافة ، بإلهائهم بصراعات وعداء بين بعضهم البعض ودعم هذا لينتصر على أخيه المسلم .
ومن هنا استطاع مصطفى كمال أتاتورك أن يكشر عن أنيابه ويظهر الوجه الحقيقي لعدائه لفكرة الخلافة في 3 آذار1924م حيث ألغى مصطفى كمال الخلافة العثمانية، وطرد الخليفة وأسرته من البلاد، وألغى وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحول المدارس الدينية إلى مدنية، وأعلن أن تركيا دولة علمانية، وأغلق كثيرا من المساجد، وحول مسجد آيا صوفيا الشهير إلى متحف، وجعل الآذان باللغة التركية، واستخدم الأبجدية اللاتينية في كتابة اللغة التركية بدلا من الأبجدية العربية.                                                     
 و أعطاه البرلمان الجديد اسم أتاتورك (أبو الأتراك).                                                                                                                     وكان للثورة العربية الكبرى دور خطط له من قبل بريطانيا ، فقبل قيام الثورة كانت هنالك مراسلات هامة مع بريطانيا، شجعت قيامها(مراسلات حسين – مكماهون)، وتعهدت بريطانيا بالتزامات محددة في حال المباشرة بها، لأنها أرادت شل الجيوش العثمانية، التي هددت نفوذها في الشرق الأوسط ،قناة السويس والمواصلات الحربية والتجارية البريطانية .
فكانت الطلقة الأولى من قبل الثورة العربية في قلب الدولة الإسلامية، فقد خدع الغرب العرب في ذلك الوقت وقالوا لهم أن عزتكم وكرامتكم ستعود إن قضيتم على هذه الدولة وأنا سأرعاكم بعد ذلك ، لكن ظهر عوار هذه الخيانة لله ولرسوله بعد فوات الأوان ،فقد هدمت الدولة وحورب هؤلاء الثوار من قبل الاستعمار بعد أن تحققت مآربهم .
استولى الحلفاء على جميع بلاد المسلمين واحتل الكافر المستعمر بلاد المسلمين وأصبحت تحت سيطرتهم وتم تطبيق نظام الحكم الرأسمالي الديمقراطي شكليا بينما تم تطبيق النظام الرأسمالي الاقتصادي عمليا وتم تطبيق القوانين الغربية في الإدارة والقضاء، فبذلك ثبت الكافر المستعمر مفاهيمه عن الحياة ونجح بذلك إلى حد بعيد .
وضع حكاما عملاء على هذه البلاد ليحكموا البلاد كما يريد هو وبقوانينه الغربية ، لم يكتف الإنجليز بذلك بل زرعوا خنجرا في قلب بلاد المسلمين عندما أعطى اليهود وعدا بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين وسمي ذلك بوعد بلفور .بخبث الغرب وحقده وامتعاضه وخداعه للإسلام والمسلمين خطط و دبر لهدم دولة الإسلام وهذا ما تم ، دولة الإسلام التي حكمت العالم ما يقارب 1400 عاما تم هدمها من قبل أعداء الله .  العداء للإسلام والمسلمين من قبل الغرب لم تخف وتيرته حتى بعد أن هدمت دولة الإسلام ، فالصراع بين الحق والباطل قائم لم تخب ناره ولم تهدأ عواصفه .
فالعداء اليوم من قبل أمريكا وبريطانيا وفرنسا أخذ أشكالا وأساليب عدة :-
فعداؤه التقليدي من حروب عسكرية ومجازر ضد المسلمين في كل مكان ظاهرة في أفغانستان والعراق وكشمير والبوسنة والهرسك وفي لبنان وفلسطين ، فحكام أمريكا وبريطانيا وحكام يهود وحكام فرنسا وغيرهم من أعداء الله يرتبط كل منهم بعدة مجازر ضد المسلمين .
أمريكا أعلنتها حربا صليبية من خلال رئيسها بوش الإبن وهذا يدل على العداء الواضح وضوح الشمس للإسلام والمسلمين .
زرعت قواتها بكل مكان على شكل قوات تحالف وقوات للسلام لتبقي سيطرتها من خلال تقارير هذه القوات ، وما هذه القوات إلا طوابير من الجواسيس لصالح أمريكا وحلفائها.
فرنسا حاربت الحجاب للمرأة المسلمة ومنعتها من ارتدائه ووضعت القوانين الصارمة لمعاقبة المسلمات في حال ارتدين الحجاب .
إلى أن نلقاكم في حلقة قادمة الأسبوع القادم بإذن الله تعالى مع الجزء الثاني وموضوعنا ( اعرفي عدوك ) أترككم في رعاية الله وحفظه والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته  .
( خلافة راشدة )