نفحات إيمانية- القرآن دستور الأمة
الحمد لله الذي فتح أبواب الجنان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستن بسنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أما بعد:
قال الله تعالى في محكم كتابه، وهو أصدق القائلين: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ).
إخوة الإيمان: إن القرآن الكريم هو مصدر من مصادر التشريع في الإسلام، وإن السنة النبوية دليل شرعي كالقرآن سواء بسواء، لقيام الدليل القاطع عليها كقيامه على القرآن، وإن إجماع الصحابة رضوان الله عليهم يكشف عن دليل شرعي، وإن القياس {الاجتهاد} يستند إلى دليل شرعي ، وعلى هذا فمصادر التشريع في الإسلام أربعة فقط هي: الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس، هذه هي الأدلة الشرعية المعتبرة ، وما عداها ليس دليلا شرعيا .
روى الترمذي في مسنده عن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ستكون فتنة قال علي: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله. فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه،لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا ، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم”.
وقال عليه الصلاة والسلام: “أوتيت القرآن ومثله معه”. يعني بذلك السنة النبوية المطهرة، فالسنة مرجع للأحكام الشرعية كالقرآن سواء بسواء. والامتثال للسنة كالامتثال للقرآن لأن طاعة الرسول هي طاعة لله، قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله). والقرآن الكريم إخوة الأيمان هو دستور الأمة الخالد، والسنة النبوية مبينة وموضحة للقرآن الكريم.
هذا وإن نصوص القرآن والسنة جاءت باللغة العربية، فاللغة العربية جزء جوهري لا يتجزأ من الإسلام ولا تحمل الدعوة الإسلامية إلا بها، ولا يتأتى فهم الإسلام من مصادره واستنباط الأحكام إلا باللغة العربية.
لقد أدرك سلفنا الصالح ذلك وعرفوا أن أعداء الإسلام لن يستطيعوا إضعاف دولة الإسلام ، ما دام الإسلام قويا في نفوس المسلمين، قويا في فهمه، قويا في تطبيقه، لذا كان حرصهم على اللغة العربية شديدا، وعنايتهم بها عظيمة، فكانوا يعلمون أبناءهم اللغة العربية كما يعلمونهم القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف. وحين حملوا دعوة الإسلام، حملوها بمرتكزات ثلاثة هي: كتاب الله، وسنة رسوله، واللغة العربية. فأين نحن من هذا؟
عمد أعداء الإسلام إلى إيجاد الوسائل التي تضعف فهم المسلمين له، وتضعف تطبيقهم لأحكامه، عمد هؤلاء إلى اللغة العربية لأنها اللغة التي يؤدى بها الإسلام، وصاروا يحاولون فصلها عن الإسلام ، وساعد على ذلك أن تولى الحكم من لا يعرف للعربية قيمتها، فتم لهم ما أرادوا… ولكن إلى حين ، فالله يأبى إلا أن يتم نوره، ولو كره الكافرون، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اللهم إنا نسألك في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل، أن تهيئ للقران من يرفع رايته ويحقق غايته ويطبق شريعته على الوجه الذي يرضيك عنا ونسألك اللهم أن تتقبل من الصلاة والصيام والقيام وسائر الأعمال وأن تقر أعيننا بقيام دولة الخلافة، وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أبو إبراهيم