Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف- لا راحة بعد اليوم يا خديجة

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏عُرْوَةُ ‏‏أَنَّ ‏عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ‏زَوْجَ النَّبِيِّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ ‏أُحُدٍ ‏قَالَ ‏ ‏لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ ‏الْعَقَبَةِ ‏إِذْ َرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ‏‏ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ ‏فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا ‏ ‏بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ‏ ‏فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا ‏‏جِبْرِيلُ ‏‏فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا ‏‏مُحَمَّدُ ‏ ‏فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ ‏الْأَخْشَبَيْنِ ‏فَقَالَ النَّبِيُّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. رواه البخاري

جاء عند الإمام ابن حجر في فتحه بتصرف يسير “‏ وَعِنْد أَهْل النَّسَب أَنَّ عَبْد كُلَالٍ أَخُوهُ لَا أَبُوهُ وَأَنَّهُ عَبْد يَالِيلَ بْن عَمْرو بْن عُمَيْر بْن عَوْف, وَيُقَال اِسْم اِبْن عَبْد يَالِيلَ مَسْعُود, وَكَانَ اِبْن عَبْد يَالِيلَ مِنْ أَكَابِر أَهْل الطَّائِف مِنْ ثَقِيف, وَذَكَرَ مُوسَى بْن عُقْبَة فِي الْمَغَازِي عَنْ اِبْن شِهَاب أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِب تَوَجَّهَ إِلَى الطَّائِف رَجَاء أَنْ يُؤْوُوهُ, فَعَمَدَ إِلَى ثَلَاثَة نَفَر مِنْ ثَقِيف وَهُمْ سَادَتهمْ وَهُمْ إِخْوَة عَبْد يَالِيلَ وَحَبِيب وَمَسْعُود بَنُو عَمْرو فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسه وَشَكَا إِلَيْهِمْ مَا اِنْتَهَكَ مِنْهُ قَوْمه فَرَدُّوا عَلَيْهِ أَقْبَح رَدّ, وَذَكَرَ اِبْن سَعْد أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي شَوَّال سَنَة عَشْر مِنْ الْمَبْعَث وَأَنَّهُ كَانَ بَعْد مَوْت أَبِي طَالِب وَخَدِيجَة. ‏‏‏ وَأَفَادَ اِبْن سَعْد أَنَّ مُدَّة إِقَامَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّائِفِ كَانَتْ عَشَرَة أَيَّام . ‏
وَفِي هَذَا الْحَدِيث بَيَان شَفَقَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمه, وَمَزِيد صَبْره وَحَمْله, وَهُوَ مُوَافِق لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْت لَهُمْ ) وَقَوْله ( وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ).”

مستمعينا الكرام: الثبات على حمل الدعوة أيها الاخوة، أن يستمر حامل الدعوة في حملها دونما كلل أو ملل، وأن يصبر على شدائدها، مهما اختلفت هذه الشدائد وتنوعت، فقد تكون نفورا من النّاس، وقد تكون ملاحقة من السلطة، وقد تكون قطع رزق وضنك في العيش وقد تتعدى ذلك كله فتكون القتل في سبيل هذه الدعوة.

ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة فينا، به نتأسى وبهداه نسترشد، ولم يزل صحابته هم المثال الصادق لحملة الإسلام، نسلي أنفسنا بسيرتهم ونستصغر ما نقدمه تجاه ما قدموه، وما هذه الكلمة إلا وقفة يسيرة مع السيرة الطيبة للرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام رضي الله عنهم في مكة المكرمة، مهد الرسالة، وموضع التفاعل، وموطن اختبار الثبات على الدعوة وتحمل شدائدها، لنرى ونستهدي بسيرتهم وهم يعملون لإقامة دولة الإسلام التي كرمنا الله بالعمل لها، ونذرنا أنفسنا لتحقيقها.

عن جبير بن نفير عن أبيه قالَ: جلسنا إلى المقداد بن الأسود رضي الله عنه يوماً فمرَّ به رجل. فقالَ: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ والله! لودِدنا أنا رأينا ما رأيت، وشهدنا ما شهدت. ثمّ أقبل عليه المقداد فقالَ: ما يحمل أحدَكم على أن يتمنى محضَراً غيّبه الله عزّ وجلّ عنه، لا يدري لو شهده كيف كان يكون فيه. والله! لقد حضر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أقوامٌ – كبَّهم الله عزّ وجل على مناخرهم في جهنم – لم يجيبوه ولم يصدِّقوه، أو لا تحمدون الله إذ أخرجكم الله عزّ وجلّ لا تعرفون إلاّ ربكم مصدقين بما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد كُفيتم البلاءَ بغيركم ؟ والله! لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم على أشدّ حال بعث عليه نبي من الأنبياءِ في فترة وجاهلية ما يرون ديناً أفضل من عبادة الأوثان. فجاء بفرقان فرَّق به بين الحق والباطل، وفرق بين الوالد وولده، حتى إن الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافراً وقد فتح الله تعالى قفل قلبه للإيمان، ليعلم أنه قد هلك من دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حميمه في النار: وإنها للتي قالَ الله عزّ وجلّ: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين). [أخرجه أبو نعيم في الحلية، والطبراني بأسانيد في أحدها يحيى بن صالح وثقه الذهبي وبقية رجاله رجال الصحيح].

مستمعينا الكرام والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.