رسالة إلى المسلمين في العالم
الحمد لله رب العالمين، الذي وعد عباده الصائمين بالجنة يومَ الدين، يومَ لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين القائل: ((بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)).
أيها المسلمون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
((ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين)) فإني أهنئكم بقدوم شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم باليمن والتمكين والبركات، وقد أعزكم الله تبارك وتعالى، ونصركم على عدوكم بقيام دولة الإسلام- دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة- إنه سميع مجيب الدعاء.
ها هو هلال رمضان يهل علينا من جديد، وحال المسلمين من سيء إلى أسوأ، رغم وعود الحكام بما أسموه بخيرات السلام وجني ثمار الصلح وغيرها من الوعود الكاذبة. فالغلاء والوباء والقهر بازدياد مضطرد، وفساد الدواء والماء والغذاء مستشرٍ في المجتمع وهذا باعتراف بعض المسؤولين، والفساد السياسي والإداري وحتى في رؤوس الأنظمة وفي ما يسمى بدوائر مكافحة الفساد على أَشُدِّه.، ولا نرى من يتحرك من المسؤولين بجدية للعلاج الناجع، بل يكتفون بطمأنة الناس أن اللحوم والخضار والدواجن والأسماك ستكون بكميات كبيرة في شهر رمضان وكأن هذا الشهر هو شهر الطعام والشراب وليس شهر عبادة والأجر فيه مضاعف. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أيْ ربِّ منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان”. وإني في هذه المناسبة أهيب بكم أيها المسلمون أن استعيدوا أيام عزكم ومجدكم فقد طال بالأرض التصاقكم، وأخص بالذكر هنا صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس: العلماء والأمراء.
أما بعض العلماء فنراه قانعا بصلواته، إذا وعظ الناس كان وعظه يميت القلوب ولا يحييها، وقد عافه الناس لتكراره ولبعده عن واقع حياتهم، ويستولون على المذياع ويرتقون المنابر يسبحون بحمد الحكام ويقدسون أمرهم ويذهبون إلى قصورهم، ودوائر حكمهم ليقيدوا أسماءهم في سجل التشريفات عند كل مناسبة وكل سفرة في غير سبيل الله، فهؤلاء علماء السوء وخطباء الفتنة؛ صدّقوا الحكام وأعانوهم على الظلم واستجابوا لأهوائهم. هؤلاء أذكرهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “سيكون أمراء فسقة جَوَرَة فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولن يرد على الحوض” وقولِه: “إني لا أتخوف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً، فأما المؤمن فيحجزه إيمانه وأما المشرك فيقمه كفره ولكن أتخوف عليهم منافقاً عالم اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون” وقولِه: “يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع عليه أهل النار فيقولون يا فلان مالَكَ؟ ألم تكن تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول بل كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه”.
لهؤلاء العلماء وأمثالهم أقول:
توبوا إلى الله توبة نصوحاً وابذلوا جَهْدَكم في بيان أحكام الإسلام بصراحة وجرأة، ولا تخافوا الحكام العملاء ولا تركنوا إليهم ولا تتقربوا منهم، لقوله تعالى: (( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)) هود 115.
ولحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (( إذا رأيتم العلماء على أبواب الحكام فاتهموهم)). وإلا فما فائدة وجودكم إذا لم تنصروا حقاً، ولم تمنعوا باطلاً، ولم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر، ولم تحاسبوا الحكام الظلمة؟؟
وأما الحكام فأقول لهم: عودوا لأنفسكم، فحاسبوها على ما فرطت في جنب الإسلام واعلموا أن حكمكم مهما طال فإنه قصير في عمر أمتكم الطويل…. وأيامُ العمر تمضي سراعاً، وضمة القبر بفتنته وسؤاله آتيةٌ لا ريب فيها، وحسابُ الله عسير. وعليكم أن ترجعوا إلى الإسلام الذي تدَّعون الإيمان به والانتسابَ إليه. فالإيمان يعني التقيدَ بأوامرِه وتحليلَ حلالِه وتحريمَ حرامِه وتطبيقَ أحكامِه في جميع شؤون الحكم، وحملَ الدعوةِ إليه والجهادَ في سبيله. وإلا كان إيماناً لا ينفع لا في دنيا ولا في أخرى، ويصدق فيكم قولُه تعالى: ((ومن الناس من يقول آمنّا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون)) البقرة 10،9.
ولا أنسى في هذا المقام بعض أهل القوة والذين هم سند وعون للحكام لا بل هم أداة طَيِّعةٌ في أيديهم مقابل دريهمات قليلة، فلا تطيعوا الحكام في معصية الله وانحازوا إلى دعاة الإسلام وانصروهم ولا تقبلوا أن تبطشوا بهم كما فعل بعضُكم في القاهرةِ وعمانَ والعقبةِ وكراتشي وإسلامبول وغيرها من أمهات المدن الإسلامية. وكذلك أخص منكمُ المسمَّوْن بالأجهزة الأمنية فأقول لهم: لا تقبلوا لأنفسكم الذلّ والهوان بالوقوف ساعات طويلة في البرد والحر وعتْمة الليل تتجسسون على حملة الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية أمام بيوتهم ومحلاتهم التجارية وأماكن عملهم ثم تقومون باعتقالهم وإيداعهم سجون الظلمة. والله تعالى يقول لكم: ((ولا تجسسوا)). والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:” لا يدخل الجنة قتات” والقتات هو الذي يتتبع عورات المسلمين.
ولنعد جميعاً إلى الله تعالى أولاً، فعنده النصر المبين إن أخلصنا النية له واتبعنا شرعه، ثم لْنقم مستفرغين كل جهودنا لحمل راية الإسلام، وإقامة حكم القرآن مضحين في سبيل إعلاء كلمة الله، ولوكره الظالمون والكافرون. ولنبتعد عن الكسل ونُذْهِبْ عن نفوسنا الاستكانةَ وننزعْ عنها حبَّ السلامةِ التي سيطرت على بعضنا. فليست تلك والله من شيم حملة الشريعة السمحة وأتباع سيدِنا محمدَ بنِ عبد الله صلى الله عليه وسلم، فهاهم شبابُ حملةِ الدعوة من حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية يدعونكم للعمل معهم لتخليص البلاد وتخليصكم من الكفر وأهله ومن الظلم وأهله فتعودوا خيرَ أمة أخرجت للناس.
(( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم))
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبها للإذاعة: أبو شهاب