الاقتتال- للأستاذ أبي أنس
يشهد المسلمون اليوم، حالة من أسوأ حالاتهم. فهم اليوم يتقاتلون فيما بينهم، قتال المرء لعدوه، وكأنه إنطبق علينا قوله تعالى (باسهم بينهم شديد). يظهر ذلك الإقتتال جليا في الصومال، واليمن، وباكستان، وإيران، والعراق، وفلسطين. والأشد من ذلك والأمر، أنهم يتقاتلون لمصلحة عدوهم الحقيقي، الكافر المستعمر، وينظر هو من بعيد، وقلبه يرفرف من الفرح، لإقتتال المسلمين بعضهم ببعض.
فيقتل الجيش الباكستاني المسلم إخوانا له مسلمون!
ويقتل المسلم أخاه المسلم في إيران، صراعا على الحكم وولاءا للغرب!
ويتقاتل المسلمون في العراق بإسم الطائفية والعصبية!
وتتقاتل فتح وحماس في فلسطين، من أجل دولة ممسوخة في حدود 67!
ويقتل المسلم أخاه المسلم في الصومال!
ويتقاتل المسلمون في اليمن من أجل الفرقة والإنقسام!
فيا أمة الإسلام، ماذا دهاك؟! أيكون هذا حالنا والله سبحانه يقول {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا، وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَعَنَهُ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، ويقول تعالى{واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً}، ويقول تعالى (محمد رسول الله والذين معه، أشداء على الأكفار، رحماء بينهم).
أيكون هذا حالنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد حذرنا حيث قال (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)، وقال صلوات ربي وسلامه عليه (إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ قِيلَ فَهَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ، قَالَ إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ)، وقال عليه الصلاة والسلام (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا- أعادها ثلاث مرات)، وعَنْ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَسِيدُ بْنُ الْمُتَشَمِّسِ قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْهَرْجُ، قَالَ الْقَتْلُ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ.
يا أمة الإسلام، أنتقاتل خدمة للكافر المستعمر وطاعة له، والله تعالى يحذر عباده المؤمنين من طاعة الكافرين والمنافقين، في قوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين)، ويقول جل في علاه (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً)! أنتبع الكافر المستعمر، والله تعالى يقول (واتبع سبيل من أناب إليّ)! أيقتل المسلم أخاه المسلم، ويترك قتال العدو الكافر المستعمر! أنغفل عن قضيتنا المصيرية، التي بها نحى، ومن أجلها نموت، لنحيا بغضب من الله، ونموت في سبيل الطاغوت! لا والله ما هذه غايتنا، بل غايتنا إرضاء ربنا، وإقامة خلافتنا، ونشر ديننا، سائلين المولى عز وجل أن تكون الجنة دار إقامتنا. فإلى ذلك ندعوكم أيها المسلمون.