مع الحديث الشريف – المجتمع الإسلامي
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) رواه مسلم
جاء في صحيح مسلم بشرح النووي بتصرف يسير(( هذا الحديث صَرِيح فِي تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض, وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلَا مَكْرُوه. وَفِيهِ جَوَاز التَّشْبِيه وَضَرْب الْأَمْثَال لِتَقْرِيبِ الْمَعَانِي إِلَى الْأَفْهَام. ))
إن المجتمع الإسلامي مجتمع متآلف متجانس، وهذا التآلف آتٍ من كون الأحكام الشرعيةِ هي التي تسود وتنظم العلاقات بين الناس تنظيماً يرفع الظلم والعدوان ويحقق العدل ويشرح هذا الأمر ما فهمه أبو بكر حين تولى الخلافة حين قال (قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني, الضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له, والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه). فلا يوجد من هو فوق الحكم الشرعي مطلقاً في دولةِ الخلافةِ.
فكل الأعراف والقوميات والألوان تصهر في بوتقة الإسلام صهراً يُنتج هذا المجتمع المتجانس الذي يتوحد على الرضا والغضب والفرح والحزن والدافع لكل فردٍ من أفراد هذا المجتمع المتجانس هو أنه يسعى لنيل رضوان الله عز وجل, فأمير المؤمنين يسعى برعايةِ الناس لنيل رضوان الله عز وجل وكذلك مؤدب الصبيان في دولةِ الإسلام يسعى لنيل رضوان الله فكان هذا التميز في هذا المجتمع يمنع وقوع العدوان وتجاوز الحدود, فالدافع للعمل هو نيل رضوان الله وليس هو الخوف من بطش الحاكم أو عقوبةِ الزعيم أو الغرامةِ والسجن والتشريد.
إن وجود أمير مؤمنين هو وجود لتحقيق العدل بتطبيق أوامر الله ونواهيه فبغير وجوده لا توجد أحكام الله فهو المانع من حصول العدوان أو النـزاع وهو حامٍ لحرمات المسلمين من أي اعتداء, فكان وجود الخليفة هو وجود من يدافع ويحمي الحرمات فبوجوده تصان الحرمات وبغيابه تنتهك الحرمات, فحرمة المسلمين توجد بوجود الأمير وبغيابه تنتهك. فحرمة المسلم لا توجد ولا تكون حية ومحترمة إلا داخل أو ضمن أو تحت حماية أمير المؤمنين داخل المجتمع الإسلامي.