سلسلة قل كلمتك وامشِ- مشاهدات متصورة لأرواح الشهداء ح2 – غزة – الأستاذ أبي محمد الأمين
في هذا الموضوع سنتحدث عن مشاهد متصورة فيها اجتمع بعض من أرواح الشهداء بإذن الله في الملأ الأعلى، وأخذت هذه الأرواح تتذاكر فيما جرى لها نتيجة عدوان غاشم لئيم من أجبن خلق الله، وكيف أن إخوانا ً لهم تركوهم لمصيرهم عزلا ً إلا من إيمان بالله وثقة بعفوه.
ابتدأت الأرواح مسيرتها متجهة إلى الجناح الغربي من العالم الإسلامي، على اعتبار أن مصر هي بمثابة القلب في العالم الإسلامي، فكان أول بلد وصلت إليه الأرواح هو ليبيا. أرادت بعض الأرواح أن تحط رحالها على أرض فقالت إحدى الأرواح لا حاجة بنا للنزول إلى أرض دنسها العملاء المتخاذلون بل يكفي أن نسبح في الفضاء الواسع وسنسمع ونرى من حيث نحن في فضاء الله الواسع. وافقتها باقي الأرواح على ذلك. أصخت الأرواح السمع لما يقال في هذا البلد المبتلى بحاكم عدو لله ورسوله، حاكم غيّر وبدّل في القرآن. حاكم أنكر السنة الشريفة، سنة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- والذي وصفه رب العزة بأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
هذا الحاكم الذي تفوح مع أنفاسه رائحة الكفر النتنة يقف ويتبجح ويظهر رجولة كاذبة لا وجود لها في الواقع. يقول ويطالب الدول العربية بفتح باب التطوع لنصرة أهل غزة المعتدى عليهم، فهل فعل هو ذلك؟ هل فتح باب التطوع؟ هل أرسل قطعة سلاح مهما كانت لأهالي غزة ليدفعوا عن أنفسهم عدوان المعتدين؟ نعم، إنه فتح الباب على مصراعيه لمظاهرات التنديد والتأييد، التنديد بالعدوان والتأييد لأهل غزة، فماذا جنت غزة من هذا؟ إنه رغم الفم الكبير والجعجة التي لا تري طحنا ً لم يقدم شيئا ً لفلسطين، وإننا لم ننس بعد ماذا فعل في أبناء فلسطين الموجودين في ليبيا للعمل حينما جمعهم ورماهم في الصحراء، على الحدود مع مصر ليذهبوا إلى ياسر عرفات. لقد رماهم في الصحراء دونما ماءٍ أو غذاءٍ أو غطاء.
قالت الروح المستنيرة: كفى ما رأينا وسمعنا في ليبيا، فلننتقل إلى تونس الخضراء.
وصلت الأرواح إلى تونس وأطلت من عليّ ، فلم تجد اخضرارا ً في البلد، بل وجدت بلدا ً يبابا ً، لا خضرة فيه ولا روح، وما ذلك إلا لأن حاكمها المستبد عميل المخابرات الأمريكية، قام بتجفيف منابع الإسلام في البلد، وحارب كل ما يوحي بإسلام أو إيمان، حتى أن جامع الزيتونة الذي كان ينافس الأزهر في القاهرة لتدريس العلوم الشرعية لطلبة العلم والذي كان يعج بآلاف الطلاب، وإذا به مقفرا ً إلا ببضعة مئات من الطلاب يقوم بتدريس العلوم الشرعية فيه أساتذة علمانيون لا علاقة لهم بالإسلام وعلومه. أما بالنسبة للأحداث الجارية فإن الحاكم العميل لم يتكلم بشيء . أما مظاهرات التنديدِ والتأييد فكانت بشكل محدود جدا ً. صحيح أن المظاهرات لا تسمن ولا تغني من جوع، إلا أنها أضعف الإيمان لإبراز مشاعر الأخوة والتضامن.
قالت الروح: دعونا نترك هذا البلد، الذي لا يستطيع أن يعلن من يتزوج بالثانية من الزوجات مخافة المحاكمة والسجن، ويستطيع أن يعلن بالعشيقة والخليلة.
انتقلت الأرواح إلى الجزائر، بلد المليون شهيد كما يقال، البد الذي نال التأييد والدعم من كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي أثناء ثورته للتخلص من الاستعمار الفرنسي. هذا البلد الذي يقتل ضباطه عملاء العلمانية الفرنسية أبناءه المسلمين الذين أرادوا أن يعودوا للإسلام حكما ً وتشريعا ً. لم تسمع الأرواح أي كلام من المسؤولين الجزائريين تنديدا ً بالعدوان ورفعا ً من معنويات أهل غزة الصامدين أمام العدوان اليهودي الإجرامي. وأكثر من ذلك وجدت الأرواح أن تحركات التأييد الشعبي لإخوانهم المسلمين في غزة كانت ممنوعة. وكم حاول بعضهم الحصول على إذن للتظاهر والنظام يرفض ذلك إلى أن سمح بذلك على استحياء بعد أربعة عشر يوما ً من العدوان.
قالت الروح: دعونا نرحل، وسنسمع الكثير الكثير من أرواح الشهداء الذين قضوا على أيدي عملاء الكفر والكافرين حينما نجتمع بهم في الملأ الأعلى.
طارت الأرواح إلى المغرب، البلد الذي يحكمه أمير المؤمنين الذي وصلت إليه إمارة المؤمنين عن أبيه ورثها كابرا ً عن كابر، لن تسمع الأرواح شيئا ً من أمير المؤمنين ولا من بطانته المؤمنين أيضا، وجدت الناس ينزلون إلى الشوارع لتأييد أهل غزة والتنديد بالعدوان الغادر. لقد وجدت الأرواح حيوية في أهل المغرب رغم ما يلاقونه من إرهاب وتنكيل واعتقالات، ورغم الفقر المدقع الذي يعيشونه ولينعم أمير المؤمنين بالقصور الفارهة والحياة الباذخة التي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً.
قالت الروح: دعونا نغادر البلد المنكوب بما يسمى أمير المؤمنين ظلما ً وعدوانا ً.
وصلت الأرواح إلى موريتانيا آخر بلد في الجناح الغربي، فوجدت الأرواح مسلمين التهبت مشاعرهم لما يحدث، ولم يمض يوم إلا ومسيرات التنديد والتأييد تسير في الشوارع والأصوات ترتفع بالمطالبة بنجدة أهل غزة وإغلاق سفارة دولة اليهود العدوة في بلدهم، لكن حكامهم لم يستجيبوا لنداءاتهم، ولو عرف أهل المسيرة بحقيقة الأمور لما طالبوا بإغلاق السفارة وطرد السفير، لأن مثل هذا قرار يحتاج إلى موافقة السيد المستعمر الذي يتحكم في البلاد من وراء ستار.
قالت الأرواح: دعونا نذهب للاستراحة لنقوم برجلتنا القادمة في الجناح الشرقي من عالمنا الإسلامي، علنا نجد شيئا ً يثلج الصدور وإن كنا لا نتوقع ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم أبو محمد الأمين