الحديث السياسي – مستقبل كشمير
تزايدت في الأشهر الأخيرة حدة المواجهات بين المواطنين الكشميريين العزل وبين أجهزة القمع الهندية في المدن الكشميرية الخاضعة لاحتلال الهند، فقُتل العشرات وأصيب الآلاف في تلك المواجهات.
ورفعت الجماعات الكشميرية في هذه المواجهات شعارات الاستقلال الكامل وعدم الانضمام إلى الباكستان كما كان يحدث في السابق.
والذي أوصل الكشميريين إلى هذه النزعة الانفصالية عن الباكستان هو تخلي حكام الباكستان عن المطالبة بتحرير كشمير من نير الاحتلال الهندي، وقبولهم باتفاقات مشبوهة مع الهنود، وهو الأمر الذي أحبط أهل كشمير وأفقدهم الثقة بالباكستانيين ومشاريع قياداتهم العميلة.
لقد بدأ مسلسل التنازلات الباكستانية عن كشمير أول ما بدأ في 24 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2004م عندما اقترحت الباكستان على الهند تقسيم كشمير إلى سبعة أقاليم تتوزع السيطرة عليها بين الدولتين الهندية والباكستانية والأمم المتحدة.
ولكن التنازل الأخطر الذي قدّمته الحكومة الباكستانية وبتوجيهٍ من الرئيس برويز مشرف كان أواسط تشرين ثاني (نوفمبر) من العام 2005م حين اقترحت القيادة الباكستانية المتخاذلة آنذاك على الهند إخلاء كشمير من القوات المسلحة، وفتح منافذ حدودية بين شطري كشمير. وتم تقديم هذا الاقتراح في مؤتمر قمة منظمة (سارك) لدول جنوب آسيا الذي عقد في العاصمة البنغالية (داكا).
إن دوافع تقديم هذه المقترحات الباكستانية وما فيها من تنازلات مهينة بالقياس إلى المواقف السابقة هو تبعية حكام الباكستان المطلقة لأمريكا التي ترى في كشمير منطقة توتر دائمة تُفرّخ (الإرهابيين) وتُعطل مشروعها القاضي بتكتيل قوى شبه القارة الهندية لوقوفها أمام العملاق الصيني الأصفر ولإيجاد توازن في القوى الإقليمية في المنطقة لمصلحة السياسات الأمريكية الاستعمارية، فأمريكا تطمع في وضع قوات أمريكية تحت مظلة دولية في كشمير لتشرف منها على جميع دول المنطقة بما فيها الصين والهند والباكستان، ولتكون لها قاعدة دائمة.
إن كشمير تعتبر منطقة استراتيجية من أخطر المناطق موقعاً بالنسبة لجميع الدول الإقليمية والدولية. فالهند تعتبرها امتداداً طبيعياً لها، وحاجزاً جغرافياً يحميها من الاكتساح الإسلامي المحاذي لكشمير من الشمال، والباكستان تعتبرها بلاداً إسلامية تابعة لها تم سلخها عنها بمؤامرة بريطانية مكشوفة، فضلاً عن أن ثلاثة أنهار في الباكستان تنبع من الأراضي الكشميرية.
وأما أمريكا فتجد فيها مطلة طبيعية ممتازة تشرف من خلالها على أهم قوى المنطقة لا سيما الصين تلك القوة الكبرى الصاعدة.
وبين هذه القوى الدولية والإقليمية يضيع سكان كشمير ذات العشرة ملايين نسمة بين مؤامرات الأعداء، وتخاذل الأشقاء، ولا يجدون مفراً من المواجهة غير المتكافئة مع عدوهم الهندوسي اللدود.
لكن مستقبل كشمير لن ترسمه هذه القوى المتآمرة والمتخاذلة أبداً وسيبقى مربوطاً بإرادة المسلمين المجاهدين، وبوحدة الأمة الإسلامية، وبتوحد إرادتها ضد الكفار المحتلين. ومهما طال أمد الاحتلال فإن التحرير تحت راية الإسلام آت لا ريب فيه، ولن تفلح لا أمريكا ولا الهند في ابتلاع كشمير أو قضمها من جسم الأمة الإسلامية الذي بدأ بالتعافي.
بقلم : أبو حمزة الخطواني