خبر وتعليق – خير بلاد الأرض يتقاتل أهلها من أجل لقمة عيش
قبل أيام في صباح يوم الاثنين اصطف آلاف الأشخاص أمام منزل أحد الأثرياء في منطقة باشوروان في جاوة الشرقية في إندونيسيا، وكان ذلك لتوزيع عبوات فيها سلع غذائية على الفقراء على سبيل الزكاة، وكانت قيمة كل عبوة تصل إلى 30 ألف روبية أي ما يعادل 3.17 دولار أميركي، ما أدى إلى اشتباكات واقتتال بين الناس كانت حصيلته الأولية سحق 22 شخصاً تحت الأقدام حتى الموت وإصابة عشرات آخرين بالجروح والإغماء نتيجة الدهس بالأقدام والتدافع من الازدحام، ويتوقع الأطباء في مستشفى باشوروان العام أن عدد القتلى سيتزايد. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الجدير بالذكر أن إندونيسيا تعتبر من الدول الغنية على مستوى العالم، وبها ثروات طائلة تقدر بمئات المليارات، فالزراعة وغلاّتها ومنتوجاتها الغذائية يقدر محصولها بقيمة 29 مليار دولار، ومحصول الثروة الحيوانية يقدر بقيمة 5.4 مليار دولار، ومحصول الغابات يقدر بقيمة 3.2 مليار دولار، ومصائد الأسماك تقدر قيمتها بـ7.7 مليار دولار. هذا غير العوائد المالية الهائلة من إنتاج النفط والغاز، حيث إن إندونيسيا هي الدولة الوحيدة في آسيا عضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) من خارج الشرق الأوسط، وتعتبر هي الأكبر عالمياً في معدن القصدير، وفيها مناجم هائلة للذهب والنحاس والنيكل والفحم.
هذه لمحة سريعة عن بعض الثروات الموجودة في إندونيسيا والتي بلا شك دليل على الغنى لا على الفقر، فيكفي أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للدولة 863 بليون دولار، أي الأكبر في العالم الإسلامي والخامس عشر على مستوى العالم.
إذن كيف يكون في الدولة كل هذه الثروة ويتقاتل شعبها ويموت ويسحق بالأقدام من أجل لقمة لا تتجاوز قيمتها ثلاثة دولارات، هل يُعقل ذلك؟! نعم يُعقل ذلك إن كان النظام المطبّق على هذه الثروة الهائلة هو النظام الرأسمالي الذي يجعل الثروة بيد حفنة من الأفراد ويمنعها عن الشعوب، النظام الرأسمالي الذي يجعل ثروات المسلمين بيد الغرب وعلى رأسهم أمريكا وشركاتها الجشعة، وإلا كيف نصدّق أن يموت الشعب في سيلان جوعاً ودولة سيلان هي الدولة الوحيدة المتحكمة في الشاي في العالم! أو أن يقبع الشعب البرازيلي في أقصى دركات الفقر والبرازيل هي الدولة المصدرة الأولى إن لم تكن الوحيدة للبن في العالم!. نعم نصدّق ذلك لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا به في القرآن الكريم بقوله: { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى }، وقوله عز وجل: { وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءاً غدقا }.
فتطبيق شرع الله بإقامة دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة هو الضمان الوحيد لعدم الإعراض عن ذكر الله، والخلافة الراشدة هي الضمانة الوحيدة للاستقامة على الطريقة حتى يبارك الله سبحانه بهذه الثروات الهائلة في العالم وعند المسلمين خاصة، كما باركها في عصر الخليفة عمر بن عبد العزير حتى لم يكن بين المسلمين فقيرٌ يقبل الزكاة لا أن يتقاتلوا عليها كما يحصل اليوم. عن يحيى بن سعيد قال: ( بعثني عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على صدقات إفريقيا فاقتضيتها وطلبت فقراء نعطيها لهم فلم نجد فقيراً ولم نجد من يأخذها مني فقد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس، فاشتريت رقاباً فأعتقتها وولاؤهم للمسلمين ).
بقلم: حسن الضاحي