Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف “باب التغليظ في ترك الجهاد”


مع الحديث الشريف
“باب التغليظ في ترك الجهاد”

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجه “بتصرف” في “باب التغليظ في ترك الجهاد”،
حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا يحيى بن الحارث الذماري عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “من لم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله سبحانه بقارعة قبل يوم القيامة”.

 

قوله: (أو يخلف) بضم اللام المخففة عطف على المجزوم، أي: لم يقم مقامه بعده في خدمة أهله بأن يصير خليفة له ونائبا عنه في قضاء حوائجه له. (بخير) احترازا عن الخيانة، (بقارعة) أي: بداهية مهلكة يقال: قرعه أمر إذا أتاه فجأة وجمعها قوارع، ولعل هذا كان مخصوصا بوقته – صلى الله عليه وسلم – كما روي عن ابن المبارك.

 

أيها المستمعون الكرام:

لا بد من الوقوف على عدة أمور عندما نقرأ هذا الحديث:

 

أولا: الجهاد هو بذل الوسع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة أو بمال أو رأي أو تكثير سواد أو غير ذلك.

ثانيا: لقد أمرنا الله بالجهاد وارتضاه لنا طريقاً للعزة والكرامة والنصر والتمكين فليس للمؤمن أن يختار طريقاً غير طريق الله التي اختارها له، وكما أمر الله المسلمين بالصيام في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ” فقد أمر سبحانه أيضا بالقتال في قوله: “كتب عليكم القتال”.

ثالثا: الجهاد حياة حقيقية وفي تركه يكون العذاب وضنك الحياة، وغياب العزة والكرامة، ولذا فإن البعض يظن أنه بالجهاد سيكون القتل وهو لا يدري أنه سيدفع ثمناً باهظاً في حالة الدعة والخلود إلى الأرض أكثر بكثير مما يدفعه في القتال والجهاد.

لذلك نرى بعض ضعاف العقول من المسلمين عندما يذهبون لتأدية فرائض الحج ويرون الاهتمام في كسوة بيت الله الحرام وفرشه وما يصرف على تزيينه فيرجع مادحاً فيقول: ما شاء الله كم ينفقون عليه من أموال، والنظافة المستمرة والماء البارد وغيره… نقول إن الله سبحانه وتعالى قد جعل الاهتمام بعقيدة الإسلام وبنشر الإسلام بالجهاد في سبيل الله أولى من كل هذه الأعمال، بل إن الله قد جعل دم المسلم أعظم حرمة من بيت الله الحرام، ونحن نرى دماء المسلمين تسفك من أعداء الله يهود ولا أحد من حكام المسلمين يحرك ساكناً، بل نراهم في التلفاز في صلاة الجمعة أو في صلوات المناسبات في الصف الأول، أو في أول نشرة الأخبار ينقل حضورهم لحفل تخريج حفظة القرآن وتقديم الهدايا إليهم. نقول لهم: كفى استخفافاً بعقول المسلمين فإن هذا ضحك على اللحى وذر للرماد في العيون، فأين عمارة بيت الله الحرام من تطبيق شرع الله وتطبيق دين الله في الأرض؟ إن الذي يهتم بكتاب الله لا بد من أن يقيم وزناً لما في هذا الكتاب العظيم من أوامر ونواهٍ ومن أحكام أمر الله بإيجادها في واقع الحياة، ولا توجد هذه الأحكام إلا بالجهاد.

وها هو عبد الله بن المبارك العالم المجاهد وهو في أرض الرباط يبعث برسالة إلى الفضيل بن عياض العابد الزاهد الذي كان يلقب بعابد الحرمين؛ لأنه كان متفرغاً للعبادة بين الحرم المكي والمدني، وكان من إجلال عبد الله بن المبارك له إذا لقيه في الطريق أخذ يده وقبلها، وكان الفضيل كثير البكاء من خشية الله في العبادة، فبعث له عبد الله بن المبارك برسالة فيها أبيات من الشعر منها:

 

يا عابدَ الحرمَيْنِ لو أبصرتنا – لعلِمتَ أنـَّك في العبادة تلعبُ
من كان يخضبُ خدَّه بدموعه – فنحورنا بدمائنا تتخضَّبُ
أو كان يُرهِقُ خيله في باطنٍ – فخيولنا يومَ الصَّبيحةِ تتعبُ
هذا كتاب الله ينطِقُ بيننا – ليس الشهيد بميتٍ لا يكذبُ.

 

أيها المسلمون:

وإن كان الجهاد فرض مطلق ليس مقيدا بقيد ولا مشروطا بشرط إلا أن الجهاد الذي يرفع عن المسلمين ذلهم ويقضي على عدوهم غائب اليوم، ولا وجود له لعدم وجود دولة إسلامية قائمة على العقيدة الإسلامية تحمل الإسلام رسالة للبشرية، وهذه الدولة غابت بغياب الإمام الذي يبايَعُ بيعةً شرعيةً ليعمل بكتاب الله وسنة نبيه ويقوم مع الأمة بحمل الإسلام ونشره.

 

اللهمَّ عاجلنا بخلافة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرْ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

 

مستمعينا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم