Take a fresh look at your lifestyle.

أحداث الجنوب وفشل السلطة نظاما وممارسة

 

اندلعت أحداث الجنوب وتعاملت السلطة مع الاحتجاجات بنفس الممارسات التي عهدتها وهو التعاطي الأمني مما أدى إلى مقتل أحد أبناء البلد فضلا على الجرحى. وامتصاصا لغضب الناس ومحاولة من السلطة الالتفاف على مطالب الناس عبر المراوغة والمماطلة كان قرار الحكومة عبر مجلس الوزراء انعقد يوم 10 فيفري 2015 وتمثل في إيفاد وفد حكومي إلى ولايتي تطاوين ومدنين للاطلاع على حقيقة الأوضاع بالذهيبة وبن قردان، وبحسبه انتقل كلّ من السيدين ياسين إبراهيم وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي وسليم شاكر وزير المالية يوم 12 فيفري 2015 لمقر ولاية مدنين لحضور اجتماع مع الأهالي؛ حيث تمت مناقشة الوضع وتلقي شكوى وتقديم طلبات، وفي 13 فيفري أشرف رئيس الحكومة على مجلس وزراي مضيق خصص للنظر في الطلبات والمقترحات التي تقدم بها أهالي مدنين وتطاوين إلى الوفد الحكومي والتي قاربت الخمسين مقترحا، أهمها المشاريع المعطلة ومسألة الضريبة الموظفة على العبور وتعصير المعبر الحدودي بالذهيبة وأحداث بلديات ومنطقة حرة بالجهة، وانتهى اللقاء الوزاري بإذن من رئيس الحكومة لتعميق النظر في هذه المطالب والمقترحات من قبل أعضاء الحكومة كل في مجال اختصاصه وعرضها من جديد على مجلس وزاري لاحق خلال أسبوع!! وتناغمت التصريحات على ضرورة فتح تحقيق شفاف حول الأحداث ومحاسبة المسؤولين بداية من قصر قرطاج إلى وزارة الداخلية إلى وزارة التنمية فضلا على السياسيين وبيانات الأحزاب…

 

وفي هذا الصدد نقول:

• إن سلطة تفتقر لرؤية حول طبيعة نظام الحكم وتعتمد على النموذج الغربي في سياسة البلاد من اعتماد نظام رئاسي أو نظام برلماني أو ما بينهما، ولا تلتفت للإسلام كنظام يعالج مشاكل الناس التشريع فيه لا يخضع لأهواء الأحزاب، فيضعون دستورا ويتوافقون عليه يحمل في طياته التناقضات ولا يوصل للناس حقوقا ورعاية، هذا النظام الذي تتكون فيه السلطة من طرفين هما رئيس الدولة ومجلس الوزراء حيث يتقاسم فيه الطرفان عدم المسؤولية؛ فرئيس الدولة ليس مسؤولا أمام البرلمان وأمام الناس باعتبار أن دوره شرفي واستشاري فيتملص من دوره ويلقي اللوم على الحكومة ولا يُساءل، أما مجلس الوزراء أو الحكومة فيكون مسؤولا أمام البرلمان أو السلطة التشريعية ومسؤولية الوزراء، أما أن تكون مسؤولية فردية أو مسؤولية جماعية بالنسبة لأعمالهم ولا تخرج النتيجة في أحسن الحالات من إقالة وزير أو سحب ثقة من حكومة إذا تطورت الأمور وخرجت على المكر والخديعة، وقد سبق بها بن علي من إقالة وزراء ويمارسها الحكام الجدد ويتقنونها وعلى رأسهم وزيرٌ شغل مناصب زمن الدكتاتورية وشغل منصبا قمعيا ومارسه في حكومة ما بعد الثورة مباشرة.

• إن سلطة تعتمد على نظام يُغازل فيها رئيس الحكومة شعبه ويختار موفديه باعتبار أسماء الوزارات المالية ووزارة التنمية والتعاون الدولي لاعتبار خصوصية الجهة التي عانت التهميش المبرمج والمقصود والتي يئن أهلها إلى الآن من سوء الرعاية في كل مرافق الحياة ولا يجدون مورد رزق إلّا التواصل مع الأهل في القطر الليبي عبر التجارة، في مقابل قوانين أثقلت كاهلهم تتمثل في المزيد من الضرائب، وهي العمود الفقري للمالية في تونس ولا يتصور الحكام بديلا عنه بل يعجزون ولا يقدمون إلا مشاريع مبرمجة ضمن مخططات التنمية والتي عكفت عليها حكومات ما قبل الثورة وما بعدها، وهي لا تخلو من مزيد من تملّص الدولة عن دورها وإسناد المشاريع المبرمجة للقطاع الخاص في منطقة غنية بالموارد الطبيعية والتفويت فيها للشركات الأجنبية، ويشهد أهل الجنوب بالقوافل المهربة للنفظ من شاحنات وأنابيب نقل الغاز التي تشق البلاد وصولا لميناء مُهيئ لنقل المواد الخام للطرف الشمالي من بحر المتوسط، ولا يعدو دور الدولة عبر وزارة التنمية وتحت إشراف وزارة المالية عن توفير عنصر التمويل في إنجاز المشاريع الخاصة الصغرى منها والمتوسطة عبر التكوين والتوجيه (تضليلا وتمويها) لأهل الجنوب لإحداث مؤسسات خدمية أكثر منها إنتاجية، ولا يُتجاوز دور الدولة في توفير المناطق الصناعية ما يُحضّر البنية التحتية للمستثمر الأجنبي بزعم إيجاد مواطن شغل لأهل المنطقة عبر القروض الدولية في سياق التعاون الدولي؛ عنوان الوزارة التي تقوم بدور السمسار ورهن البلاد، كما لا يخفى دور الحكومة في متابعة نسق إنجاز المشاريع العمومية والنظر في الصعوبات المتسببة في تعطيلها وفي مقدمتها الاشكاليات العقارية، كل هذا تمهيدا لخصخصتها بعد إظهار عدم قدرة الدولة في تحمل الأعباء وأن لها دورا أهم وهو المحافظة على الاستقرار العام والاشتغال على قضايا وهمية أخرى على غرار موضوع الإرهاب في سياق إقليمي ودولي يتناغم فيه التنسيق الأمني وصفقات التسليح للجماعات وللحكومات على حد سواء.

• أما السلطة في نظام الإسلام فتقوم على نزع التشريع من البشر سواء أكانوا أحزابا أو أفرادا أو هيئات دستورية وتتشكل النصوص القانونية المستنبطة من الشرع الحنيف في سياق وانسجام من لدن حكيم عليم بما يُصلح البشر ويرعى شؤونهم بغض النظر عن لونهم أو جهتهم أو وطنهم، فلا وجود لتقاسم مسؤولية الحكم في وزارات مختلفة الاختصاص، ولا ترعى الشؤون بسحب ثقة الحكومة أو إقالة وزير أو دمج وزارات أو إنشاء وزارة خالية المضمون، فضلا على قصور التصور في الحكم ومنه الإدارة.

• فكانت السيادة للشرع واجبا ومُحكما في علاقات الناس حاكما ومحكوما؛ فلا سلطة فوق سلطة ولا قانون فوق القانون ولا محكمة تنظر في دستورية القوانين وإنما محكمة مظالم ترفع الدعوى تلقائيا وتنظر في مخالفة أي حاكم للشرع أو الدستور المستنبط منه وتقاضيه بحسبه، فيخضع فيه الناس ذاتيا باعتبار تناسق الأحكام الشرعية مع عقيدتهم، وتخضع له الجماعة باعتبار العرف العام والذي تنسجه أحزاب كضامنة لاستمرارية نقاء فهم الإسلام ومحاسبة الحاكم، وتقوم الدولة بدورها باعتباره فرضا وتكليفا لا غنيمة وشهوة فتطبق الأنظمة في جميع مناحي الحياة.

• وكانت وحدة المسلمين فرضا وشرفا باعتبار انتماء الأمة لدين واحد ومشاكلها واحدة سواء الاقتصادية أو السياسية أو في علاقتها بعدوها المتربص بها، فتُمحى الحدود وهي أحد أسباب المشاكل في جنوب البلاد وتُسيّر التجارة حسب تابعية التاجر للدولة وتُلغى اتفاقات التجارة الدولية التي تكرس التبعية واستفراد الدول الكبرى بمقدرات الدول إنتاجا وتسويقا واحتكارا..

لهذا يدعو حزب التحرير المسلمين والمخلصين في الأمة للالتفاف حول مشروعه مشروع الخلافة…

﴿يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد البسكري – تونس

 

2015_02_16_Art_South_Tunisia_events_and_authorities_failure_AR_OK.pdf