Take a fresh look at your lifestyle.

أوباما: تفويض الكونغرس لا يعني حربا برية بسوريا والعراق

ذكرت الجزيرة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد أن طلب التفويض من الكونغرس لمواصلة العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية خارج العراق وسوريا لا يعني أي غزو على غرار ما حصل في العراق وأفغانستان، مشددا على أن التحالف الدولي الذي تقوده بلاده سيهزم تنظيم الدولة. وقال أوباما – عقب تقديمه مشروع قرار التفويض للكونغرس – إن المشروع لا يسمح بتدخل بري جديد على نطاق واسع في الشرق الأوسط، لكنه أكد أنه لن يتردد في نشر قوات خاصة ضد تنظيم الدولة إذا اقتضت الضرورة. ووصف أوباما المهمة بأنها صعبة، وقد تستغرق بعض الوقت، لكنه أكد أن التحالف في حالة هجوم، وأن التنظيم “سيُهزم”، موضحا أن التحالف نفذ حتى الآن أكثر من ألفي غارة جوية ضد التنظيم.

وكان الرئيس أوباما قد علق ضمن خطاب له أمام أكاديمية ويست بوينت العسكرية في نيويورك قائلا «لا بد لنا من تطوير استراتيجية تتلائم ومواجهة ظروف التهديد الجديد، استراتيجية تسمح لنا بالتعامل مع هذه التهديدات من دون إرسال قواتنا أو إثارة حنق السكان المحليين.» وفي هذا السياق، اقترح الرئيس أوباما منحة شراكة دولية مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب بقيمة 5 مليارات دولار بغية تحقيق ما أسماه «تسهيل الشراكة مع الدول على الخطوط الأمامية».

بعد ثلاثة عشر عاما من الحرب على أفغانستان، تكبدت الولايات المتحدة من عشرة إلى خمسة عشر مليار دولار شهريا جراء هذه الحرب لدعم وجودها وجهدها الحربي، وتقدر الحسبة بالمعدل بواقع عشرة ملايين وسبعمائة ألف دولار كل ساعة، وساعة كتابة هذه المقالة زادت التكلفة عن سبعمائة وثمانية وأربعين بليون دولار، ومائتين وأربعين مليون دولار، أما الحرب على العراق فقد كلفت أمريكا بحسب بعض الدراسات أكثر من تريليونيْ دولار، وأما العداد الذي يرصد كلفة هذه الحرب لحظة بلحظة فيضع رقما يقارب الثمانمائة والتسعة عشر بليون دولار، وأما إجمالي تكلفة ما يسمى الحرب على “الإرهاب” منذ 2001 فقد بلغت لهذه اللحظة واحد تريليون وستمائة وثلاثة بليون دولار.

الرأي العام الأمريكي لا يدعم حربا جديدة تقوم بها أمريكا، لذلك لجأت الولايات المتحدة للترويج لمجموعة من عمليات قطع الرؤوس واحتجاز الرهائن، وحتى حرق الطيار الأردني من أجل التأثير على الرأي العام لصالح دعم جهودها في حربها على تنظيم الدولة، ومن المحطات الفارقة في هذا السياق مسألة الصحفي الأمريكي جيمس فولي وإعدام اليابانيين، وحرق الطيار الأردني، وفي كل هذه التسجيلات وجد خبراء ثغرات كثيرة تلقي بظلال بارزة عن مصداقية هذه العمليات، والدوافع التي لأجلها نشرت لاستثارة الرأي العام لصالح دعم الحرب على التنظيم. يذكر أن عدد الغربيين الذين نسب لتنظيم الدولة إعدامهم يبلغ 4 أمريكيين، وبريطانيان.

حين ترصد أمريكا خمسمائة مليار دولار أي نصف تريليون دولار لحرب عشرين ألفا من التنظيم أي بمعدل ثلاثين مليون دولار لكل مقاتل، وحين تكون تكلفة كل طلعة جوية يصحبها إلقاء صواريخ هو مائة ألف دولار فهذا يعني أن أمريكا ترصد ثلاثمائة طلعة مقاتلات جوية مع صواريخها لضرب كل مقاتل من تنظيم الدولة،وحين تصرح بأن الحرب على تنظيم الدولة ستستغرق عشر سنوات، أي أنها ستستغرق سنة كاملة لقتل كل ألفي مقاتل، وحين تستعين أمريكا بالسعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن وتركيا وما أنفقته هذه الدول من تريليونات على التسليح… فإن هذا يعني أن هدفها هو ضرب الثورة الاسلامية في الشام بكل فصائلها، وضرب كل توجه في المنطقة للانعتاق من ربقة التبعية للغرب الكافر، وضرب مشروع الخلافة الإسلامية الحقيقي الذي يكاد يرى النور، وإدخال المنطقة في فوضى شديدة عشر سنوات كما فعلت في الجزائر أملا من أمريكا أن يستجدي المسلمون منها بوتفليقة جديدا أو كرزاي جديدا يعيد الهدوء ويشطب أي مطالبة بأن يحل الإسلام محل العلمانية.

ولكن أمريكا وهي تخوض حربها المصيرية هذه، وفي ظل غرقها في مستنقع الصومال، ومستنقع أفغانستان، ومستنقع العراق، ومستنقع واقعها الاقتصادي المتردي، فإنها لا تستطيع ذلك إلا باستعمال الأعراب، وجيوش الأعراب، ليحاربوا بالنيابة عنها، ولا يظهر في أعمال أمريكا جدية في حربها ضد تنظيم الدولة، فهي تخطط لحرب طويلة الأمد، بغية الحفاظ على زخم تبعية هذا التحالف الصليبي لها، حتى إذا ظهر ما يهدد مصالحها في سوريا، وجهت التحالف لضربه، وهذا ما يفسر المبالغ التي رصدتها لهذه الحرب، والفترة الزمنية التي تبشر بها هي وحلفاؤها. يقول سعود الفيصل في مؤتمر باريس في مداخلته خلال المؤتمر أن بلاده تود أن توضح أن “محاربة الإرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة واحدة ومن هذا المنطلق فإننا نرى ضرورة أن يستمر هيكل التنظيم المزمع إقامته لمحاربة (داعش) على الأقل عشر سنوات حتى نضمن بإذن الله زوال هذه الظاهرة البغيضة”… فالفيصل يريد ضمانة لبقاء النظام السعودي عشر سنوات أخرى، والغرب يريد ضمانة بقاء سيطرته على العالم العربي إلى ما لا نهايه.

أما هذه الدويلات التي لا تنفك تعرض خدماتها لتعذيب المسلمين، وإيذائهم والتنكيل بهم خدمة لأمريكا، فإنما تفعل ذلك لأنها لا تخشى الله ولا تخشى غضبة الحق، ولأنها تؤمن بأن أمريكا هي ربها الذي عليها أن تركع له وتسجد ليثبتها على كراسيها المهترئة.

لم يكتف حكام الضرار بالخضوع الذليل لأمريكا وإعانتها في حربها على الأمة الإسلامية، بل أسلموا الأمة وخيراتها نهبا للكافر المستعمر، فهذا النفط المنهوب وهذا المال المسلوب، وهذا الحق المغصوب، وهذه أفغانستان وتلك الشيشان وهذه فلسطين وتلك الشام، وهذه العراق وتلك ليبيا، وتلك الثغور الإسلامية الغالية على أفئدتنا، كلها أسلمها هؤلاء الحكام للكافر المستعمر، وهؤلاء الحكام ما أورثوا شعوبهم إلا الفقر والجهل والتخلف والضياع، فتحكّم الحكام الرويبضات أمراء السوء الذين أسلموا رقاب الأمة وخيراتها لأعدائها وباعوها بثمن بخس كراسي مهترئة، فمزقوا العالم الإسلامي إلى بضع وخمسين دويلة هزيلة لا تملك من أمرها شيئا ولا تستطيع أن تحمي أبناءها أمام أراذل الخلق، بل تشارك في قهرهم وتجويعهم وتركهم في مخيمات الضياع بلا رحمة…

إن الناظر في كل هذا وغيره الكثير ليرى بوضوح أن سبب وصول الأمة الإسلامية لهذا المنحدر السحيق إنما هو غياب الإسلام عن واقع حياتها، مما أفضى إلى تمزق شمل الأمة، ذلك الشمل الذي ما انفكت الخلافة الاسلامية تلمه كلما انفرط عقده، وأفضى إلى تطبيق أنظمة الظلم والطاغوت في حياة المسلمين بدلا من نظام الاسلام العادل، وشريعة الرحمن التي ما نزلت إلا رحمة للعالمين، فإذا ما أمعن الناظر النظر وجد أنه لا ملجأ للأمة الإسلامية من الله إلا إليه، ولا خلاص لها إلا باتباع منهجه وتطبيقه نظام حياة في دولة إسلامية تعيد للأمة الإسلامية وحدتها، وعزتها وقوتها.

أما وقد مضى على انفراط عقد الأمة الإسلامية وتمزق كلمتها وضياع خلافتها تسعون عاما ميلاديا، أو ثلاثة وتسعون عاما هجريا، فإنه قد بلغ السيل الزبى، وبلغ الكتاب أجله، وآن لهذه الأمة أن تلتف حول قيادة مخلصة راشدة تعيد لها مجدها وتضع خيراتها تحت تصرف أبنائها، وتكف يد أعدائها عنها، وتطبق فيها شرع ربها، لذلك قام حزب التحرير يستنهض الأمة في شتى بقاع الأرض، فهل من مُلبٍّ؟ وهل من مجيب؟ قام يدعوها لما فيه حياتها، وهل الموت إلا في البعد عن شرع الله وهو القائل سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.

أما آن لخير أمة أخرجت للناس أن تخلع أنظمة الضرار هذه وتقيم مكانهم خلافة راشدة على منهاج النبوة تحرس دينهم ودنياهم وتكون لهم درعا منيعة تمنع عنهم كيد أعدائهم؟

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ثائر سلامة – كندا

 

 

2015_02_13_Art_Congress_Approval_Of_Military_Force_Against_ISIS_AR_OK.pdf